والجواب : أنه بتقدير أن يكون للعالم الهان فالعبد لا يعلم أنه عبد لهذا الإله أو عبد لذلك الإله ، أو عبد لهما معاً ، فحينئذ لا يكون جازماً بكونه مشتغلا بشكر مولاه وخالقه ، بل يجوز أن يكون عابداً لغير خالقه ، ومتى كان الأمر كذلك لم يكن حازماً فى تلك العبودية ، وتلك الطاعة ، أما إذا عرف أنه لا إله للعالم إلا إله واحد ، فحينئذ يكون جازماً بكونه مشتغلاً بعبودية مولاه وخالقه ، فلهذا السبب لم تحصل النجاة والفوز بالدرجات إلا بمعرفة التوحيد
* * *
البحث الثامن :
أن المكلف إذا تمم النظر والاستدلال فى معرفة الله تعالى ، ثم مات ولم يجد من الوقت ما أمكنه أن يقول فيه : لا إله إلا الله فهاهنا لا شك فى أنه يموت مؤمناً ، لأنه أدى ما وجب عليه ولم يجد مهلة للتلفظ بهذه الكلمة ، فأما إذا تمم النظر والاستدلال فى معرفة الله ،ووجد فى الوقت ما أمكنه أن يقول فيه لا إله إلا الله ، ثم لم يقل ، ثم مات ، فهذا الشخص هل مات مؤمناً أم لا ؟
من الناس من قال : أنه مات كافراً ، لأن صحة الإيمان متوقفة على التلفظ بهذه الكلمة عند القدرة عليها ، ومن الناس من قال : إنه مؤمن ، لأنه حصل له العرفان التام ، وفاسق لأجل أنه كان مأموراً بذكر هذه الكلمة وما ذكرها. والدليل على أنه مؤمن قوله عليه السلام " يخرج من النار من فى قلبه مثقال ذرة من إيمان ".
فهذا الشخص قلبه مملؤ من الإيمان ، فكيف لا يخرج من النار ؟