وذلك فى غاية العزة ، وأما المرتبة الخامسة ، وهى[مرتبة ] أهل المشاهدات والمكاشفات فنسبتهم إلى أصحاب البراهين القطعية كنسبة أصحاب القطعية إلى عوام الخلق.
وأعلم ان عالم المكاشفات لا نهاية له : لأنه عبارة عن سفر العقل فى مقامات الجلال الإلهى ومدارج عظمته ، ومنازل كبريائه وقدسه ، وإذا كان لا نهاية لهذه المقامات ، فكذلك لا نهاية للسفر فى تلك المقامات.
وأعلم ان الإنسان إذا انكشف له اسرار لا إله إلا الله ، أقبل على الله وأخلص فى عبادته ، ولم يلتفت إلى أحد سواه ، فلا يرجو غيره ، ولا يخاف سواه ، ولا يرى النفع والضرر إلا منه ، فانقطع بالكلية عمن دونه وتبرأ من الشرك الباطن ، كما تبرأ من الشرك الظاهر ، وذلك كله موجب كلمة التوحيد.
ولهذا السبب لما قال لمحمد صلى الله عليه وسلم
( فاعلم أنه لا إله إلا الله ) قال بعده " وأستغفر لذنبك " والمعنى والله اعلم : أن أمر الاستغفار لتقصير وقع فى موجب كلمة لا إله إلا الله ؛ إما لغفله تحول دونه : أولعارض شغل عنه ، وهو معنى قوله عليه السلام
(أنه ليغان على قلبى فأستغفر لله فى اليوم سبعين مرة )
وقد روى (مائة مرة )
فى الحديث وجوه :
الأول : أن المراد بالغين : ما يغشى قلبه من غفلة ، أو يعرض من فترة ، بحكم الطبع البشرى فكان عند ذلك يفزع إلى الإستغفار.
الثانى : انه عليه السلام بدأ فى الترقى ، فإذا انتقل إلى درجة