كتاب من أسرار التنزيل

عداوة اليهود له بعد إسلامه ، فنزلت.
وقال محمد بن إسحاق نزلت فى عبادة بن الصامت ، قال : يا رسول الله تبرأت من حلف اليهود ، وتوليت الله ورسوله والمؤمنين عامة ، وفيه نكت :
الأولى : أن يوسف عليه السلام قال : ( أنت وليى فى الدنيا والآخرة ).
فوجد الملك والعز بسبب ذلك القول الذى هو قائله ، وهاهنا قال الله تعالى للمؤمنين : (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ).
فأولى أن يرجوا المؤمنون بذلك الجنة والمغفرة.
الثانية : قوله : (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ ). يعنى حافظكم وناصركم : ( وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ).
ثم قال عليه الصلاه والسلام
: "المرء مع من أحب ". ثم إن كل مسلم يحب الله فوجب بحكم ذلك الخبر أن يكون المسلم أبداً مع حفظ الله لا يفارقه ، لسبب أنه أحب الله ، فكيف يفارقه حفظ الله مع أن الله وليه وحافظه وناصره ؟
الثالثة : هذه الآية دلت على أن الصحابة يحبوننا ، لأن الله تعالى جعل المؤمنين أولياءنا ، وهو قوله (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ).
ثم أكد ذلك يقوله : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ).
ثم أمرنا أن نحب الصحابة بدليل قوله : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ).
فثبت بمجموع هاتين الآيتين حصول المحبة بيننا وبين الصحابة ، والحبيب لا يرضى بعذاب حبيبه قُبل ذلك على أن جمهور الصحابة والتابعين وسلف المؤمنين يكونون شفعاء ذنوب المؤمنين.
* * *

الصفحة 118