كتاب من أسرار التنزيل

فأمره بذكرالله ، ومنعه من الخوض معهم فى أباطيلهم ولعبهم ، والقول بالشريك من الأباطيل واللعب ، ونفيه خوض فى ذلك الكلام ، فكان الأولى الإقتصار على قولنا ( الله ). فهذا ما فى هذا المقام.
وهاهنا أنواع من التضرعات :
أحدها : أن نقول إلهنا ، إن موسى عليه السلام سأل أجل الأشياء فقال : ( رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ). وسأل أقل الأشياء فقال : (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ).
فنحن أيضاً نسألك أجل الأشياء وهى خيرات الآخرة ، وأقلها وهى خيرات الدنيا. فنقول : (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً ).
وثانيها : يحكى أن رجلاً باع جارية ثم ندم ، واستحيا من المشترى أن يظهر هذه الحالة فكتب فى كفه حاجته ورفعها إلى السماء ، فرأى المشترى فى المنام : أن فلاناً من أحباء الله وقلبه معلق بهذه الجارية فردها عليه ، وأجرك على الله.
فلما أصبح الرجل حمل الجارية اليه ، وردها عليه. فأراد البائع أن يرد الذهب فقال المشترى : أن لهذا الثمن ضامناً وهو خير منك ، إلهنا ، إن كان ذلك البائع ندم على بيع تلك الجارية ، فنحن ندمنا على بيع الآخرة بالدنيا وإذا كان ذلك البائع استحيى من العود ، فنحن من كثرة ذنوبنا نستحيى منك وإذا كان ذلك البائع قد كتب على كفه شيئاً من حاجته ورفعها إلى السماء ، لجميع أعضائنا مكتوب عليها إحتياجنا إلى رحمتك ، وذلنا بين يديك إلهنا كما ضمنت دين الغرماء فاقبل ديننا ، وأسقط عنا تبعات أعمالنا ، وأفعل بنا ما أنت أهله ، يا من لا يشغله شأن عن شأن .

الصفحة 132