كتاب من أسرار التنزيل

وعجبت لمن خاف قوماً كيف لا يقول : حسبى الله ونعم الوكيل ، والله تعالى يقول : (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ *انْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ).
وعجبت لمن مكر به كيف لا يقول : وأفوض أمرى إلى الله أن الله بصير بالعباد ، والله تعالى يقول : ( فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ)
وعجبت لمن أصابه هم أو كرب لا يقول : (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ). فيقول الله : (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ).
وقال سفيان بن عيينة : إن الله لما قال : (وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ). فقد وعد كل مؤمن يقول :
(لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ).
أن ينجيه من الغم. ومعلوم بالضرورة أن الله لا يخلف الميعاد.
فصل
فى أن عقول الخلق قاصرة عن معرفة الله تعالى
لما كان كل ماتتصور النفس فالله بخلافه ، فلم يتمكن العقل والنفس من الإشارة إلى حقيقة معلومة بأن حقيقة الإله هى هذه الحقيقة ؛
ويروى عن سهل بن عبد الله أنه سئل عن ذات الله فقال : ذات الله موصوفة بالعلم ، غير مدركة بلإحاطة ، وقد حجب الخلق عن معرفة كنه ذاته ، ودلهم عليه بآياته ، والقلوب تعرفه ، والعقول لا تدركه ، ينظر اليه

الصفحة 137