كتاب من أسرار التنزيل

وأما مناظرة الله مع إبليس فالقرآن ناطق بها.
وأما الأنبياء عليهم السلام فأولهم آدم عليه السلام ، وقد أظهرالله تعالى الحجة على فضله بأن أظهر علمه على الملآئكة ، وذلك محض الاستدلال.
وأما نوح عليه السلام فقد حكى الله تعالى عن الكفار أنهم قالوا : (يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا ). ومعلوم أن مجادلة الرسول صلى الله عليه وسلم مع الكفار لا تكون فى تفاصيل الأحكام الشرعيه ، فلم يبقى الا أنها فى التوحيد والنبوه.
وأيضاً فإنه عليه السلام لما أمرهم بالاستغفار فى قوله : ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا).
ففى الحال ذكر ما يدل على التوحيد فقال : (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا ).
وأما إبراهيم عليه السالم فالاستقصاء فى شرح الحواله يطول فى هذا الباب ، وله مقامات :
أولها : مع نفسه ، وهو قوله : (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي). الى آخر الآية فهذه طريقه المتكلمين.
فإنه استدل بأفولها على حدوثها ، ثم استدل بحدوثها على وجود محدثها : كما أخبر الله تعالى بقوله : ( يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا).
ثم إن الله تعالى عظم شأنه بسبب ذلك فقال : (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ ).

الصفحة 35