كتاب من أسرار التنزيل

(قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى ). فرد بقوله : ( قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى). وهذا هو الدليل الذى ذكره إبراهيم عليه السلام حيث قال : (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ). ثم حكى الله تعالى عن موسى فى سورة الشعراء أنه قال لفرعون : (رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ).
وهذا هو الذى عول عليه ابراهيم عليه السلام فى قوله : (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ ). فلما لم يكتف فرعون بذلك ، وطالبه بدليل آخر ، قال موسى : ( رب الشرق والمغرب). وهذا هو الذى عول عليه ابراهيم عليه السلام فى قوله : (فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ ).
وهذا ينبهك على أن التمسك بهذه الدلائل حرفة هؤلاء الأنبياء عليهم السلام ، ثم إن موسى عليه السلام لما فرغ من تقرير دلائل التوحيد قال : (أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ). وهذا يدل على أنه عليه السلام إنما فرع بيان النبوة على بيان التوحيد والمعرفة.
وأما سليمان عليه السلام فله مقامان : أحدهما فى بيان إثبات التوحيد ، الآخر فى إثبات النبوة .

الصفحة 37