كتاب من أسرار التنزيل

الله عنه بقوله .(هل كنت إلا بشراً رسولا) وذلك أن الدليل لما تم لم يبق للإقتراح فى الزيادات فائدة ، وهو قوله تعالى : ( سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا ). وتارة بأن هذا القرآن نزل نجماً بطريق التهمة ، فأجاب الله بقوله : (كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ). وتارة بأنه يحتمل أن يكون هذا القرآن من إلقاءالجن والشياطين ، كمافى سورة الشعراء ، فأجاب الله عنه بقوله : (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ).
والسابع : الذين أنكروا الحشر والنشر ، والقرآن مملوء من الرد عليهم فثبت بما ذكرنا أن الإشتغال بدليل التوحيد والنبوة حرفة جميع الأنبياء عليهم السلام.
الحجة العاشرة : على نهاية شرف هذا العلم قوله تعالى : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).
وليس المراد منه المجادلة فى فروع الشرائع ، لأن من أنكر نبوته فلا يخالفه فعلمنا بهذا أن الجدال المأمور به فى تقرير دلائل الأصول. فإذا ثبت هذا فى حق الرسول ثبت فى حق أمته ، لقوله تعالى : (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ).
ولقوله تعالى : ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ). وقوله عليه السلام ."عليكم بسنتى وسنة الخلفاء من بعدى".

الصفحة 45