كتاب من أسرار التنزيل

الحجة الرابعة عشرة : أنه تعالى ذم التقليد فقال حكاية عن الكفار : (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ).
وقال : (بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا) .(بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ).
وقال : (إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا). وقال فى والد إبراهيم عليه السلام : (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا ).
وكل ذلك يدل على وجوب النظر وفساد التقليد.
الحجة الخامسة عشرة : إنه تعالى حكى أنهم سألوا محمداً صلى الله عليه وسلم عن امور ،كقوله : (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ). (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ).
فذكر فى هذه المواضع كذا وكذا ، إلا فى آية واحدة وهى أنهم سألوه عن مسألة أصولية ، وهى قوله : (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا). الآية
فهاهنا حرف التعقيد. يعنى : يا محمد ، اذكر هذا الجواب فى الحال ، لأن هذه المسألة أصولية ولا يجوز تأخير الجواب عنها ، لأن ذلك يقدح فى الإيمان : أماسائر المسائل فإنها فروعية ، فلايكون تأخير الجواب عنها إلى وقت الحاجة ضاراً.
فثبت بجميع هذه الدلائل وجوب تقديم الأصول على الفروع ، فلا جرم قال الله تعالى : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ).
فقدم الأمربمعرفة التوحيد على الأمربالاستغفار ، والله اعلم .

الصفحة 47