كتاب من أسرار التنزيل

مختارى ، فلك درجة موسى حيث قالت : (وأنا اخترتك ).
وحين أذنبت فأنت جاهل ، والجهل عزر من بعض الوجوه ، وحين تشتغل بطلب الرزق كالبهيمة ، لأنه هو الذى تكفل برزقك ، فماهو مقدور لك يصل اليك ، وماليس مقدوراً لك لا يصل اليك ، فكأن الطلب عديم الفائدة فكان [هذا ] شبيه افعال البهائم ، وحين تشتغل بالعمل كنت كالأجير وتلك كلها درجات نازلة ، أما حين تشتغل بالشهادة والتوحيد فأنت من العلماء الخائضين فى لجة بحر التوحيد ، وبلغت الغاية القصوى فى المنقبة والشرف ، كما قال تعالى : (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ).
الخامسة : قال الله تعالى : ( وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى).
وقعت هذه الإشارة على العصا وعلى اليد ، أما العصا فقوله : (تلك ). وأما اليد فقوله : (بيمينك ). فصارت العصا من قوة هذه الكلمة تلقف حبال السحرة وعصيهم ، وصارت اليد يداً بيضاء ( وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ).
وكلمة لا إله إلا الله ، وهى صفة وحدانيته وفرادنيته فى ذاته وجلاله وعزته ، ألا تستقل بإفناء آثار العصيان عن قلب العبد وإنارة روحه بنور المعرفة والهداية
السادسة : عصا موسى أخرجت من الجنة فبطل السحر عندها ، فهذه الكلمة إنما ظهرت من شجرة العزة والربوبية والعظمة ، ونرجوا أن تبطل الذنوب عندها.
السابعة : حكى عن الحجاج أنه أمر بضرب عنق رجل ، فقال لا تقتلنى حتى تأخذ بيدى وتمشى معى. فأجابه اليه ، فقال الرجل : بحرمة صحبتى معك فى

الصفحة 52