كتاب من أسرار التنزيل

الفضيلة الرابعة : قال بعضهم : الحكمة فى قوله تعالى (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ).
ان يوم القيامة يتجلى نور كلمة لا إله إلا الله ، فينمحق فى ذلك النور نور الشمس والقمر ، لأن تلك الأنوار مجازيه ، ونور لا إله إلا الله نور ذاتى واجب الوجود لذاته ، ولامجاز يبطل فى مقابله الحقيقة. فلا جرم يبطل كل نور فى مقابلة هذا النور ، بل يبطل كل وجود فى مقابة هذا الوجود ، كام قال :
( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ).
* * *
الفضيلة الخامسة :
أن جميع الطعات تزول يوم القيامة مثل الصلاة والصيام والحج ، فإن التكاليف الظاهرة تزول فى علم الغيب : أما طاعة التهليل والتحميد فلا تزول عنهم ، وكيف يمكن زوالها عنهم والقرآن يدل على أنهم مواظبون على الحمد ، والمواظبة على الحمد تدل على المواظبة على الذكر والتوحيد.
وإنما قلنا : إنهم مواظبون على الحمد لقوله تعالى حكاية عن أهل الجنة : (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ) ، (دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ).
(لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ ).
فثبت أنهم مواظبون على الحمد ، مواظبة على الذكر ، فعلمنا أن جميع العبادات زائلة عن أهل الجنة إلا طاعة الذكر والتوحيد.
* * *
الفضيلة السادسة :
ماروى فى الآثار أنه قال " إذا قال العبد : لاإله إلا الله ، فإنه تعالى

الصفحة 54