كتاب من أسرار التنزيل

فإذاكان الشرك يقتضى كونه نجساً مع ذلك على خلاف الأصل ، فكونه موحداً بأن يقتضى كونه طاهراً أولى ، لأنه على وفق الأصل.
وإذا ثبت أن الموحد كامل فى كونه طاهراً وجب أن يكون من خواص الله تعالى ، لقوله : ( الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات ).
الثانية : أن الشرك سبب لخراب العالم ، بدليل قوله تعالى : (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا ).
وإذا كان الشرك سبب لخراب العالم ، وجب أن يكون التوحيد سبباً لعمارة العالم ضرورة كون الضدين مختلفين فى الحكم ، فإذا ثبت أن كلمة التوحيد سبب لعمارة العالم ، فأولى أن تكون سبب لعمارة القلب الذى هو محل الوحدانية ولعمارة اللسان الذى هو محل ذكر الوحدانية ، وذلك يناسب عفو الله عن أهل التوحيد
* * *
الاسم الثانى :
أن هذه الكلمة تسمى ( كلمة الإخلاص).
وكان معروف الكرخى يقول : (يانفسى : تخلصى).
ثم التحقيق فيه : أن كل شئ يتصورأن يشوبه غيره ، فإذا صفا عن شوبه ، وخلص لله ، سمى خلصاً ، وسمى الفعل إخلاصاً.
ولاشك أن كل من أتى بفعل إختيارى فلابد له فى ذلك الفعل من غرض ، فمتى كان الغرض فى الفعل واحداً ، سمى هذا الفعل اخلاصاً. فمن تصدق وكان غرضه محض الرياء فهو غير مخلص ، ومن كان غرضه محض التقرب إلى الله فهو مخلص ، ولكن العادة جارية بتخصيص اسم الإخلاص

الصفحة 61