الثانى : أن البيت إذا كان فيه سراج أهتدى صاحبه إلى طلب الأمتعة ، فكذلك القلب إذا كان فيه سراج المعرفة ، استدل صاحبه إلى المشروع فى الطاعات ..
الثالث : إذا كان فى البيت سراج أنتفع بضيائه كل أحد من غير أن ينقص من إستضاءة صاحبه بنوره [شيئاً]. وكذا كل قلب كان فيه سراج المعرفة أنتفع بنوره غير صاحبه ، من غير أن ينقص من نور صاحبه شئ..
الرابع : أن السراج إذا كان فى البيت ، وكان موضوعاً فى كوة مسدودة بزجاجة أضاء داخل البيت وخارجه ، وكذلك سراج المعرفة يضئ القلب وخارج القلب حتى يظهر نوره على الأذنين و العينين واللسان : فيظهر فنون الطاعات فى هذه الأعضاء ، واليه الإشارة بقوله عليه السلام "اللهم أجعل فى قلبى نوراً ، وفى سمعى نوراً ، وفى بصرى نوراً ، وفى عظمى نوراً وفى مخى نوراً "..
الخامس : أن البيت إذا كان فيه سراج كان صاحبه مستأنساً مسروراً ، فإذا طفئ السراج صار مستوحشاً ، فكذلك القلب ، ما دام فيه سراج المعرفة : كان صاحبه مستأنساً مسروراً ، فإذا فارقه والعياذ بالله صار حزيناً مغموماً ، قال الله تعالى : (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ).
السادس : أن جرم السراج صغير ، وضوءه منتشر عن كل جانب فكذلك ضوء المعرفة ينتشر من القلب إلى جميع الجوانب كما قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ).
وخوصوصاً من الجانب العلوى ، قال الله تعالى :
( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ) .