كتاب من أسرار التنزيل

الثالث : أن سراج الدنيا يضمحل من نور الشمس ، أما سراج المعرفة والتوحيد فإنه يضمحل نور الشمس فى نوره.
الرابع : أن سراج الدنيا لا وفاء له ، يحرق من أوقده ، ومن أمده بالفتيلة ، كما يحرق من لم يوقده ولم يمده بالفتيلة ، وسراج المعرفة ذو وفاء ، لا يحرق صاحبه البتة ، بل ينجيه من الحرق ، فشتان ما بين السراجين.
السؤال الربع : ما الحكمة فى تشبيه المعرفة بالمصباح ؟
الجواب من وجوه :
الأول : أن المصباح تضره الرياح ، والمعرفة يضرها الوسواس والشبهات.
الثانى : أن المصباح لايبقى بغير الدهن ، والمعرفة لا تبقى بغير التوفيق.
الثالث : لا بد للمصباح من حافظ يتعهده ، ولا بد لمصبح المعرفة من متعهد وهو فضل الله ورحمته :
السؤال الخامس : ما الحكمة من تشبيه القلب بالزجاجة ؟
والجواب من وجوه :
الأول : ان الذهب والفضه وإن كانا نفيسين رفعين إلا أنهما كثيفان يوقعان الحجاب ، والزجاجة أن كانت قليلة القيمة إلا أنها لطيفة صافية لا توقع الحجاب ، فإنه يرى ظاهرها من باطنها وبالضد ، والله تعالى ذكر هذا المثل لرفع الحجاب لا لوضعه.
الثانى : أنه ليس لأنية الزجاجة خطر ، إنما الخطر لما فى الآنية ، فكذلك ليس لقلبك خطر إنما ، الخطر للإيمان.
الثالث : إذا إنكسرت الزجاجة لم تصلح إلا بإدخال النار والإذابة ، وكذا القلب إذا فسد لم يصلح إلا بإدخال النار و الإذابة : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا ).

الصفحة 94