كتاب المداخل إلى آثار شيخ الإسلام ابن تيمية

-قوته في التأليف: بدأ -رحمه الله تعالى- التأليف وهو ابن سبع عشرة سنة، وكان من أفراد الدهر في كثرة تآليفه، فلا يُعْلم في الإِسلام من صنَّف نحو ما صنف ولا قريبًا منه إلا أفرادًا قليلين، وقد قدرت مؤلفاته بخمسمائة مجلد، وبأربعة آلاف كراس أو أكثر، وقد بلغ ما يكتبه في اليوم والليلة أربع كراريس وكان يكتب جُلَّ مؤلفاته من حفظه، وكان ذا قلم سريع الكتابة إذا رقم "يكاد يسابق البرق إذا لمع" لكن كان خطه في غاية التعليق والإِغلاق. وكانت مؤلفاته في غاية الإبداع وقوة الحجاج وحسن التصنيف والترتيب، غير مشوبة بكَدَرٍ، بل خالصة من الشَّبه والشُّبه، وكثير منها لم يبيض له نسخَة أخرى، وله في غير مسألة مصنف مفردٌ أو أكثر.
ومن مؤلفاته ما ألفه في قَعْدة، مثل: "الحموية" ألفها بين الظهرين سنة ٦٩٨ وعمره سبع وثلاثون سنة، وألَّف لأهل الآفاق عدة كتب، تَلْبيةً لطلبهم، منها: لأهل واسط: العقيدة الواسطية، والحموية لأهل حماة، والمراكشية لأهل مراكش، والتدمرية لأهل تدمر، وهكذا.
وأَلَّف بعض كتبه وهو في السجن، منها: في السجن بمصر: "الرد على البكري"، وألَّف "منهاج السنة النبوية" وهو في مصر، وأَلَّف ما لا يُحصى في السجن بالقلعة بدمشق، منها "الرد على الإخنائي".
وقد جرت له بسبب بعض مؤلفاته وفتاويه محن من السجن، والنيل من العرض بغير حق، كما جرى له بسبب "الحموية"، و"الواسطية"، وبسبب فتواه في الطلاق بالثلاث، وبالحلف بالطلاق،

الصفحة 24