كتاب المداخل إلى آثار شيخ الإسلام ابن تيمية

حُبُّ الكتابِ وحبُّ ألحان الغنا ... في قلب عبد ليس يجتمعان
فحب العلم وإشغال القلب والبدن بالمال وجمعه وتنميته، والمكاثرة فيه لا يجتمعان، فكلما منحت هذا من جهدك ووقتك ضاع من ذاك، فَلْنَبْكِ على حالنا؟.
٦ - ولما سافر -رحمه الله تعالى- إلى مصر سنة ٧٠٠ نزل عند عم تلميذه ابن فضل الله العمري، وكان سفره للحض على الجهاد، فَرُتِّبَ له مرتب، وأعطيات، فلم يقبل منها شيئًا.
فهل يعتبر من ابتلوا بالتسول على مستوى رفيع، ويتنمر الواحد منهم على معارفه وإِخوانه، والرفعاء منهم يعلمون أنه في الظاهر: مطاع متبوع، وهو في الباطن عبد مطيع تابع ذليل.
على أن الأرض لا تخلو من المتأسِّين بالصالحين، الذين تجردوا من هذه الحظوظ، ولم يتدنَّسوا بشيء منها.
٧ - دروس وعبر مما ناله -رحمه الله تعالى- من الأذايا في ذات الله -تعالى-:
إِنّ عالمًا يفتح الله عليه بميراث علم النبوة، وينظر في واقع الحياة فيرى من ظلمات الإعراض عن الوحي والتنزيل ما الله به عليم: حلولية، اتحادية، طرقية بدعية، جهمية، معتزلة، أَشاعرة، مقلدة متعصبة، وكل يرى أن ما هو عليه هو الحق، ثم يأتي حامل الضياء، فيكاسر هؤلاء وهؤلاء، لاشك سيكون له خصوم وخصوم مما أدّى إلى سَجْنِه تارة، والترسيم عليه تارة، ومناظرته تارة، وإذايته بالمحن الأُخرى تارة أُخرى، وإِغراء السفهاء، وتسليط

الصفحة 30