كتاب المداخل إلى آثار شيخ الإسلام ابن تيمية

السَّجنَة الرابعة: بمصر في قاعة الترسيم من آخر شهر شوال سنة ٧٠٧ إِلى أول سنة ٧٠٨ أَي لمدة تزيد عن شهرين.
ذلك أَنّه لما اختار بعد السجنة الثالثة السفر إِلى دمشق بشروط، رَدُّوهُ من مثانِي الطريق يوم ليلة سفره ١٨ شوال ٧٠٧ بمشورة نصر المنبجي الحلولي، الذي له مكانة عند الوالي، فَعُرِضَ الشيخِ على قضاة المالكية، فاختلفوا، فلما رأى الشيخ ذلك قال: "أنا أمضي إِلى الحبس وأتبع ما تقتضيه المصلحة" فعكفَ عليه الناس، زيارة، وتعلّمًا، واستفتاءً.
وفيه حصلت له قصة مع رهبان النصارى الثلاثة، وقد ساقها تلميذه الغياني مع وقائع أُخرى في نحو عشر صفحات، فلتُنظر في الجامع: "ص/ ١٣٢ - ١٥٠".

السّجنة الخامسة: الترسيم عليه بالإسكندرية في ١ ربيع الأول ٧٠٩ إلى ٨ شوال ٧٠٩ دون مرافق معه تحت نظر الولاية. وهذه مكيدة أخرى من نصر المنبجي، والجاشنكير، يتربصان من يغتاله، وفي هذه الحال جاء عنده بعد أيام شمس الدِّين بن سعد الدِّين الحراني، وأَخبره أنهم يسفرونه إِلى الإسكندرية وجاءت المشايخ التدامرة وأَخبروه بذلك، وقالوا له: كل هذا يعملونه حتى توافقهم، وهم عاملون على قتلك، أَو نفيك، أَو حبسك، فقال لهم: "أَنا إِن قتلت كانت لي شهادة، وإِن نفوني كانت لي هجرة، ولو نفوني إِلى قبرص دعوت أَهلها إِلى الله وأجابوني، وإِن حبسوني كان لي معبدًا، وأَنا مثل الغنمة كيفما تقلّبت، تقلّبت على صوف" فيئسوا منه وانصرفوا.

الصفحة 35