كتاب المداخل إلى آثار شيخ الإسلام ابن تيمية

الأفهام وحسن التعليم والإِرشاد إِلى الطريق القويم ما يضيق هذا الموضع عن ذكره" انتهى.
وقال تلميذه الإمام الحافظ ابن القيم -رحمه الله تعالى- في: "مدارج السالكين: ٢/ ٢٩٣، ٢٩٥":
(و"الجود" عشر مراتب، ثم قال:
الرابعة: الجود بالعلم وبذله. وهو من أَعلى مراتب الجود. والجود به أَفضل من الجود بالمال. لأَن العلم أَشرف من المال.
والناس في الجود به على مراتب متفاوتة. وقد اقتضت حكمة الله وتقديره النافذ: أَن لا ينفع به بخيلًا أبدًا.
ومن الجود به: أن تبذله لمن يسألك عنه، بل تطرحه عليه طرحًا.
ومن الجود بالعلم: أَن السائل إِذا سألك عن مسألة: استقصيت له جوابها جوابًا شافيًا، لا يكون جوابك له بقدر ما تدفع به الضرورة، كما كان بعضهم يكتب في جواب الفتيا "نعم" أو "لا" مقتصرًا عليها.
ولقد شاهدت من شيخ الإِسلام ابن تيمية -قدّس الله روحه- في ذلك أَمرًا عجيبًا:
كان إِذا سُئِلَ عن مسألة حُكمية، ذكر في جوابها مذاهب الأئمة الأربعة، إِذا قدر، ومأخذ الخلاف، وترجيح القول الراجح. وذكر متعلقات المسألة التي ربما تكون أَنفع للسائل من مسألته. فيكون فرحه بتلك المتعلقات، واللوازم: أَعظم من فرحه بمسألته. وهذه

الصفحة 60