كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

ومعلوم أن قطعة من الكتاب قد طبعت في الهند سنة ١٨٩٤ م (١٣١١/ ١٣١٢ هـ) ــ وكانت هي أول طبعة للكتاب ــ باسم «مدارج السالكين شرح منازل السائرين من منازل إياك نعبد وإياك نستعين» ولا شك أنه عنوان ملفَّق، زيد فيه «من منازل ... » إلخ.
أما العنوان المشهور «مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين»، فهوعنوان جميل رائق عُرف به الكتاب منذ قرن من الزمن، إذ طبعه السيد رشيد رضا بهذا العنوان وتَبِعه الناشرون الذين جاؤوا من بعده جميعًا، ولكنه كما قلنا لم يرد في شيء من الأصول النفيسة القديمة، وإنما نراه في النسخ المتأخرة التي كتب معظمها في القرن الماضي! ونخشى ــ إن لم يكن هذا العنوان منقولا من النسخ القديمة ــ أن يكون ملفقًا أيضًا، فأُخِذ الجزء الأول «مدارج السالكين» من العنوانين الثالث والرابع، والجزء الثاني «بين منازل ... » إلخ من العنوان الأول الذي ذكره المؤلف وتلميذه ابن رجب. ويرشحه أن المؤلف استهلَّ كثيرًا من أبواب الكتاب بقوله: «ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين».
وإذا صرفنا النظر عن العنوان الرابع الذي انفردت به إحدى النسخ (وتابعتها أخرى منقولة منها) بقيت ثلاثة عناوين، وأقواها في الظاهر أولها، وهو «مراحل السائرين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين»، فإن المؤلف نفسه أحال عليه بهذا العنوان، ثم ذكره تلميذه ابن رجب في ثبت مؤلفاته. ولكن يُضعفه أنه لم يرد أيضًا فيما وصل إلينا من نسخ الكتاب قديمة كانت أو متأخرة. أما النسخة المحفوظة في جامعة الإمام برقم ٨٩٦٣ المكتوبة سنة ١٢٦٧ (في بطاقة النسخة: ١٢٧٨، خطأ) المخرومة من أولها، فإن ناسخها
قوله عزَّ وجلَّ (¬١): أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)} (¬٢).
هذه السُّورة (¬٣) اشتملت على أمّهات المطالب العالية أتمَّ اشتمالٍ، وتضمَّنتها أكملَ تضمُّنٍ.
فاشتملت على التّعريف بالمعبود تبارك وتعالى بثلاثة أسماءٍ، مرجعُ (¬٤) الأسماء الحسنى والصِّفات العليا إليها، ومدارُها عليها. وهي: الله، والرَّبُّ، والرَّحمن. وبنيت السُّورة على الإلهيّة، والرُّبوبيّة، والرّحمة. فـ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} مبنيٌّ على الإلهيّة، و {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} على الرُّبوبيّة، وطلبِ الهداية إلى صِراطه المستقيم (¬٥) بصفة الرّحمة. والحمد يتضمّن الأمور الثّلاثة، فهو المحمود في إلهيّته، وربوبيّته، ورحمته. والثّناء والمجد كمالان لحمده.
---------------
(¬١) في ل هنا علامة اللحق، وفي هامشها: "بعد". يعني: قوله عز وجل بعد الاستعاذة.
(¬٢) النص: "قوله عز وجل ... " إلى هنا لم يرد في ع. وكأن الثلث الأعلى من الصفحة في ق كان بياضًا، فكُتب فيه فيما بعد "ولا حول ولا قوة إلا بالله" في سطر، ثم "قوله عز وجل ... " إلى آخر السورة. وبقي بياض بقدر أربعة أسطر. وفي ل بياض بقدر سطرين بعد سورة الفاتحة.
(¬٣) بعدها في ش زيادة: "الكريمة". وفي ع: "اعلم أن هذه السورة".
(¬٤) ش: "ترجع".
(¬٥) ع: "صراط مستقيم".

الصفحة 10