كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

هو الذي سماها: «مراحل السائرين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين الشرح (بشرح؟) منازل السالكين (كذا) للشيخ شمس الدين ... ». وهي الجزء الثاني من الكتاب، أما الجزء الأول منها برقم ٨٩٩١ فعنوان الكتاب فيه: «مدارج السالكين في شرح منازل السائرين».
أما العنوان الثاني، وهو «مدارج السالكين في منازل السائرين»، فسمي به الكتاب في عدة نسخ نفيسة أحسنُها نسخة قيون أوغلو، ولم يصل إلينا منها إلا المجلد الأول. هذه النسخة مقروءة على المؤلف، ولكن العنوان المذكور الوارد في أول النسخة وآخرها كتب بعد وفاة المؤلف. وفي أسفل صفحة العنوان عشرة أبيات في مدح الكتاب لابن أبي العِزّ الحنفي (ت ٧٩٢) كتبها بخطه، أولها:
صاحِ هذي مدارجُ السالكينا ... قد بدت في منازل السائرينا

وقد نظم فيه ــ كماترى ــ العنوان الوارد في النسخة. وهذه الأبيات واردة بخطه في أول نسخة حلب أيضًا. وفي آخر جزئيها أنها قوبلت على أصل مقابل بأصل مؤلفه مقروء عليه سنة ٧٧٣. والظاهر أن ابن أبي العز هو الذي قابلها بنسخة قيون السابقة.
أما العنوان الثالث، فإنه أيضًا ورد في نسخ قديمة، والغالب أنه من وضع المصنف. ولا غرو، فإن الكتاب شرح لمنازل السائرين للهروي، ومن ثم يسميه الحافظ ابن حجر وغيره اختصارًا: «شرح منازل السائرين».
وبالتأمل في العناوين الثلاثة يبدو لنا أن العنوان الأول أقدمها، وهو يدل على أن الكتاب تأليف مستقلّ يدور حول منازل إياك نعبد وإياك نستعين
وتضمَّنت إثباتَ المعاد، وجزاءَ العباد بأعمالهم حسنِها وسيِّئها، وتفرُّدَ الرّبِّ تعالى بالحكم إذ ذاك بين الخلائق، وكونَ حكمه بالعدل. وكلُّ هذا تحت قوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}.
وتضمّنت إثبات النُّبوّات من جهات عديدة:
أحدها: كونه ربَّ العالمين، فلا يليق به أن يتركهم سُدًى مُهْملًا (¬١) , لا يعرِّفهم ما ينفعهم في معاشهم ومعادهم وما يضرُّهم فيهما؛ فهذا هضمٌ للرُّبوبيّة، ونسبةٌ إلى الرّبِّ تعالى ما لا يليق به. وما قدَرَه حقَّ قدره مَن نسَبه إليه.
الثّاني (¬٢): أخذُها من اسمه "الله"، وهو المألوه المعبود، ولا سبيل للعباد إلى معرفة عبوديته إلّا من طريق رسله.
الموضع الثّالث: من اسمه "الرّحمن"، فإنّ (¬٣) رحمته تمنع إهمالَ عباده، وعدمَ تعريفهم ما ينالون به غاية كمالهم. فمن أعطى (¬٤) اسمَ الرّحمن حقَّه علِمَ (¬٥) أنّه متضمِّنٌ لإرسال الرُّسل وإنزال الكتب أعظمَ مِن تضمُّنه إنزالَ الغيث، وإنباتَ الكلأ، وإخراجَ الحَبِّ. فاقتضاءُ الرّحمة لما يحصل به حياة القلوب والأرواح أعظمُ من اقتضائها لما يحصل به حياة الأبدان
---------------
(¬١) طمس بعضهم الميم في الأصل (ق)، وكذا "هملًا" جاء في بعض النسخ المتأخرة.
(¬٢) ج، ع: "الموضع الثاني".
(¬٣) ل: "الذي". وقد أصاب هذا الموضع بلل ذهب بالكلمة، فاستدركها بعضهم تقديرًا.
(¬٤) هنا ذهبت الرطوبة في ل بالكلمتين: "فمن أعطى"، وبقي البياض في موضعهما.
(¬٥) ع: "عرف".

الصفحة 11