كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
كتاب معين. فكأن المؤلف - رحمه الله - رأى قصورًا في العنوانين، فإن أحدهما يزري باستقلال الكتاب، والآخر يضرّ بغرض تأليفه، فكأنه لاح له عنوان ثالث بحذف كلمة «شرح»، وهو: «مدارج السالكين في منازل السائرين».
ولما كان هذا العنوان هو الثابت في أصح أصولنا وأقدمها رجَّحناه على العنوان المشهور الذي لم نره إلا في النسخ المتأخرة.
هذا العنوان الجديد يفهم منه أنه كتاب مستقل غرضُه بيان مدارج السالكين ومراتبهم في منازل السلوك، فحرف الجر «في» متعلق هنا بلفظ المدارج، وفي الوقت نفسه فيه تلميح إلى كتاب «منازل السائرين» أيضًا، فجاء هذا العنوان بتصريحه وتلميحه وافيًا بالغرضَين. والله أعلم.
ونشير في آخر هذا المبحث إلى وهم البغدادي في «هدية العارفين» (٢/ ١٥٨)، إذ عدَّ «مراحل السائرين» و «مدارج السالكين في شرح منازل السائرين» كتابين اثنين!
* * *
العبد، وتزيينُه في قلبه، وجعلُه مؤثرًا (¬١) له، راضيًا به، راغبًا فيه.
وهما هدايتان مسؤولتان (¬٢)، ولا يحصل الفلاح إلّا بهما. وهما متضمِّنتان (¬٣) تعريفَ ما لم نعلمه من الحقِّ تفصيلًا وإجمالًا، وإلهامَنا له (¬٤)، وجعلَنا مريدين لاتِّباعه ظاهرًا وباطنًا؛ ثمّ خلقَ القدرة لنا على القيام بموجَب الهدى بالقول والعمل والعزم، ثمّ إدامةَ (¬٥) ذلك لنا وتثبيتَنا (¬٦) عليه إلى الموافاة.
ومن هاهنا يُعلَم اضطرار العبد إلى هذه الدّعوة فوق كلِّ ضرورةٍ، وبطلانُ سؤال مَن (¬٧) يقول: إذا كنّا مهتدين، فكيف نسأل الهداية؟ فإنَّ المجهولَ لنا من الحقِّ أضعافُ المعلوم، وما لا نريد فعلَه تهاونًا وكسلًا مثلُ ما نريده أو أكثرُ منه أو دونه. وما لا نقدر عليه ممّا نريده كذلك. وما نعرف جملته ولا نهتدي لتفاصيله فأمرٌ يفوت الحصر. ونحن محتاجون إلى الهداية التّامّة، فمن كملت له هذه الأمور كان سؤالُ الهداية له (¬٨) سؤالَ التَّثبيت والدَّوام.
---------------
(¬١) غيَّره بعضهم في م إلى "مريدًا".
(¬٢) ذهبت الرطوبة في ل بالكلمتين، فأثبت بعضهم مكانهما: "هذان اللذان"!
(¬٣) ق، م: "متضمنان".
(¬٤) "له" ساقط من ش.
(¬٥) ع: "وإدامة".
(¬٦) ق: "تثبيتًا".
(¬٧) ع: "قول من".
(¬٨) "له" ساقط من ش.