كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

تحرير عنوان الكتاب
لم يسمِّ المؤلف - رحمه الله - كتابه في مقدمته، ولا سمَّاه في كتبه الأخرى التي وصلت إلينا إلا في موضع واحد، ولم تتفق النسخ الخطية أيضا على عنوان الكتاب، غير أن السيد رشيد رضا - رحمه الله - لما طبع الجزء الأول من الكتاب سنة ١٣٣١ سماه «مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين» تبعًا للنسخة الخطية التي اعتمد عليها في الجزء المذكور، وكانت نسخة كويتية متأخرة كتبت سنة ١٣١٦، أي قبل طبع الكتاب بخمس عشرة سنة. ومنذ ذلك الحين اشتهر الكتاب بهذا الاسم، ولكن الغريب أنه لم يرد في شيء من النسخ النفيسة القديمة التي بين أيدينا.
وقد ظهرت بعد الطبعة السابقة نشرة الشيخ محمد حامد الفقي - رحمه الله - الذي صرَّح بأنه راجعها على أربع نسخ محفوظة في دار الكتب، ومنها «نسخة قيمة جدًّا كتبت في سنة ٨٢٣»، وكانت تحمل عنوان «مدارج السالكين في منازل السائرين»، وقد وضع الشيخ صورة صفحة العنوان منها في أول الكتاب، ومع ذلك قلَّد في تسميته نشرة السيد رشيد رضا.
وإليكم ما وقفنا عليه من عناوين الكتاب في مخطوطاته وكتب المؤلف وكتب التراجم وما إليها:
١) مراحل السائرين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين
بهذا العنوان ذكره المؤلف في «مسألة السماع» (ص ١٠٠). وهو الذي ذكره ابن رجب في «ذيل طبقات الحنابلة» (٥/ ١٧٥). ومنه نقله العليمي في «المنهج الأحمد» (٥/ ٩٤)، والداودي في «طبقات المفسرين» (٢/ ٩٢)، وابن العماد في «شذرات الذهب» (٨/ ٢٨٩).
المبطلُ سعيَه وكدَّه هباءً منثورًا! ويا عِظَمَ المصيبة عندما يتبيَّن (¬١) بوارقَ أمانيه خُلَّبًا، وآمالَه الكاذبة غرورًا! فما ظنُّ من انطوت سريرته على البدعة والهوى والتّعصُّب للآراء بربِّه يوم تبلى السّرائر؟ وما عذرُ مَن نبَذ الوحيين وراء ظهره في يومٍ لا تنفع (¬٢) الظّالمين فيه (¬٣) المعاذر؟
أفيظنُّ المُعرض عن كتاب ربِّه وسنَّة رسوله أن ينجو من ربِّه بآراء الرِّجال؟ أو يتخلّص من بأس الله بكثرة البحوث والجدال، وضروب الأقيسة وتنوُّع الأشكال؟ أو بالإشارات والشّطحات وأنواع الخيال؟ هيهات! والله، لقد ظنّ أكذب الظّنِّ، ومنَّته نفسُه أبينَ المُحال! وإنّما ضُمِنت النّجاة لمن حكَّم هدى الله تعالى على غيره، وتزوَّد التّقوى، وائتمَّ بالدّليل، وسلك الصِّراط المستقيم، واستمسَك من الوحي بالعروة الوثقى التي (¬٤) لا انفصام لها، والله سميعٌ عليمٌ (¬٥).
وبعد، فلمّا كان كمال الإنسان إنّما هو بالعلم النّافع، والعمل الصَّالح ــ وهما الهدى ودين الحقِّ ــ وبتكميله لغيره في هذين الأمرين، كما قال تعالى: {وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [سورة العصر]، فأقسم سبحانه أنَّ كلَّ أحدٍ (¬٦)
---------------
(¬١) ش: "تتبين".
(¬٢) ل، ش: "ينفع". ولم ينقط حرف المضارع في م، ج.
(¬٣) ج: "فيه الظالمين"، وكذا في ق، ل مع علامة التقديم والتأخير فوق الكلمتين.
(¬٤) لم يرد "التي" في م.
(¬٥) معظم كلام المؤلف من قوله: "لكن عصفت على القلوب ... " (ص ٤) إلى هنا قد ورد مع شيء من الاختلاف في كتابه "اجتماع الجيوش الإسلامية" (ص ٧٩ - ٨٣).
(¬٦) ل: "واحد".

الصفحة 8