كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

تعبدون آلهةً أخرى سواه؟ فعُلِم أنَّ إلهيَّة ما سواه باطلة، كما أنّ ربوبيّة ما سواه باطلةٌ بإقراركم وشهادتكم.
ومن قال: المعنى: هل مع الله إلهٌ آخر؟ من غير أن يكون المعنى: فعل هذا (¬١)، فقوله ضعيفٌ لوجهين:
أحدهما: أنَّهم كانوا يقولون: مع الله آلهةٌ أخرى، ولا ينكرون ذلك.
الثاني: أنّه لا يتمُّ الدليل ولا يحصل إفحامُهم وإقامة الحجَّة عليهم إلّا بهذا التقدير، أي: فإذا كنتم تقولون: إنَّه ليس معه إلهٌ آخر فعل مثل ما فعله، فكيف تجعلون معه إلهًا آخر لا يخلق شيئًا وهو عاجز؟ وهذا كقوله: {لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ} (¬٢) [الرعد: ١٦]، وقولِه: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [لقمان: ١١]، وقولِه: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ} [النحل: ١٧]، وقوله: {وَالَّذِينَ الَّذِينَ (¬٣) ... مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} [النحل: ٢٠]، وقولِه: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ (¬٤) آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} [الفرقان: ٣]، وهو كثيرٌ في القرآن، وبه تتمُّ الحجَّة كما تبيَّن.
والمقصود أنَّ العبد يحصل له هذا المشهد من مطالعة الجنايات
---------------
(¬١) «هذا» ساقطة من ع.
(¬٢) أُكملت الآية في ع.
(¬٣) كذا مضبوط بالتاء في ع، وهو مهمل في الأصل وغيره. وهي قراءة عامَّة القَرَأَةِ عدا عاصمًا ويعقوب، فإنهما قرآ بياء الغيبة. انظر: «النشر» (٢/ ٣٠٣).
(¬٤) ق، ل، م، ع: «من دون الله» سهو، وكذا كان في ش ثم أُصلح.

الصفحة 24