كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

قال الجنيد - رحمه الله -: الحياء رؤية الآلاء، ورؤية التقصير، فيتولَّد بينهما حالةٌ تسمَّى الحياء (¬١).
وحقيقته: خلقٌ يبعث على ترك القبائح، ويمنع من التفريط في حقِّ صاحب الحقِّ.
ومن كلام بعض الحكماء: أحيوا الحياء بمجالسة من يُستحيا منه (¬٢).
وعمارة القلب بالهيبة والحياء، فإذا ذهبا من القلب لم يبق فيه خيرٌ (¬٣).
وقال ذو النُّون: الحياء وجود الهيبة في القلب مع وحشة ما سبق منك إلى ربِّك. والحبُّ يُنطق، والحياء يُسكت، والخوف يُقلق (¬٤).
وقال السَّرِيُّ: إنَّ الحياء والأنس يَطرُقان القلب، فإن وجدا فيه الزُّهد والورع وإلَّا رحلا (¬٥).
وفي أثرٍ إلهيٍّ يقول الله عزَّ وجلَّ: «ابنَ آدم، إنَّك ما استحييتَ منِّي أَنْسيتَ
---------------
(¬١) «شعب الإيمان» (٧٣٤٨) و «القشيرية» (ص ٤٩٣). ولعل المؤلف صادر عن «رياض الصالحين» (باب الحياء)، فإن فيه الأحاديث الأربعة الأولى التي ذكرها المؤلف بنفس السياق واللفظ، وفيه قول الجنيد هذا، والقول الآتي في حقيقة الحياء.
(¬٢) «القشيرية» (ص ٤٨٩)، وأسنده البيهقي في «شعب الإيمان» (٨٦٦٢) عن ابن الأعرابي قال: كان يقال.
(¬٣) أسنده القشيري (ص ٤٨٩) عن ابن عطاء بنحوه.
(¬٤) «القشيرية» (ص ٤٨٩). والشطر الأول أسنده البيهقي أيضًا في «الشعب» (٧٣٥٠). والشطر الثاني أسنده ابن عساكر في «تاريخه» (١٧/ ٤٣٠)، وفيه: «والشوق يغلغل (كذا، ولعله: يقلقل)» بدل «الخوف يقلق».
(¬٥) أسنده القشيري (ص ٤٨٩).

الصفحة 613