كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

الأفهام ولا تكيِّفه العقول، فإنَّه حياء كرمٍ وبرٍّ وجودٍ وجلالٍ، فإنَّه حييٌّ كريمٌ يستحيي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردَّهما صفرًا (¬١)، ويستحيي أن يعذِّب ذا شيبةٍ شابت في الإسلام (¬٢).
وكان يحيى بن معاذٍ - رحمه الله - يقول: سبحان من يذنب عبده ويستحيي هو (¬٣).
وفي أثرٍ: «من استحيا من الله استحيا الله منه» (¬٤).
وقد قُسِّم الحياء على عشرة أوجهٍ: حياء جنايةٍ، وحياء تقصيرٍ، وحياء جلالٍ (¬٥)، وحياء كرمٍ، وحياء حشمةٍ، وحياء استصغارٍ للنفس واحتقارٍ لها،
---------------
(¬١) يشير إلى حديث سلمان عند أحمد (٢٣٧١٤) وأبي داود (١٤٨٨) والترمذي (٣٥٥٦) وابن حبان (٨٧٦) والحاكم (١/ ٤٨٧، ٥٣٥) وغيرهم مرفوعًا وموقوفًا، والصواب: الموقوف، بل في رواية صحيحة عند البيهقي في «الأسماء والصفات» (١٥٦) أنه قال: «أجد في التوراة أن الله حيي كريم ... » إلخ.
(¬٢) لعله يشير إلى أنس مرفوعًا: «يقول الله: إني لأستحيي من عبدي وأمتي يشيبان في الإسلام فأعذبهما بعد ذلك». أخرجه ابن أبي الدنيا في «العمر والشيب» (٢) والحارث (بغية الباحث: ١٠٨٤) وأبو يعلى (٢٧٦٤) والدينوري في «المجالسة» (٣٤١١) وأبو نعيم في «الحلية» (٢/ ٣٨٦ - ٣٨٧) وغيرهم من طريقين واهيين بمرَّة. انظر: «الموضوعات» لابن الجوزي (١/ ٢٧٩) و «الضعيفة» للألباني (٥٨٨٣).
(¬٣) «القشيرية» (ص ٤٩٢).
(¬٤) لم أقف عليه، ولكن يغني عنه قوله - صلى الله عليه وسلم - في قصة النفر الثلاثة الذين أقبلوا على مجلسه - صلى الله عليه وسلم - فجلس اثنان وذهب واحد: «وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه». أخرجه البخاري (٦٦) ومسلم (٢١٧٦) من حديث أبي واقد الليثي.
(¬٥) كذا في جميع النسخ، وسيأتي قريبًا بلفظ «الإجلال».

الصفحة 616