كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

وحياء الإجلال: هو حياء المعرفة، وعلى حسب معرفة العبد بربِّه يكون حياؤه منه.
وحياء الكرم: كحياء النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من القوم الذين دعاهم إلى وليمة زينب، وطوَّلوا عنده، فقام واستحيا أن يقول لهم: انصرفوا (¬١).
وحياء الحشمة: كحياء عليِّ بن أبي طالبٍ أن يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المذي لمكان ابنته منه (¬٢).
وحياء الاستحقار واستصغار النفس: كحياء العبد من ربِّه حين يسأله حوائجه، احتقارًا لشأن نفسه واستصغارًا لها. وفي أثرٍ إسرائيليٍّ: إنَّ موسى قال: يا ربِّ، إنّه لتعرض لي الحاجة من الدُّنيا، فأستحيي أن أسألك يا ربِّ، فقال الله تعالى: «سلني حتَّى ملح عجينك وعلف شاتك» (¬٣).
وقد يكون لهذا النوع من الحياء سببان. أحدهما: استحقار السائل نفسه (¬٤). والثاني: استعظامه مسؤولَه.
وأمَّا حياء المحبة: فهو حياء المحبِّ من محبوبه، حتَّى إنَّه إذا خطر على قلبه في حال غيبته هاج الحياء من قلبه، وأحسَّ به في وجهه، ولا يدري (¬٥) ما
---------------
(¬١) كما في حديث أنس عند البخاري (٥١٦٣) ومسلم (١٣٦٥/ ٨٧ عقب الحديث ١٤٢٧).
(¬٢) كما في حديثه عند البخاري (٢٦٩) ومسلم (٣٠٣).
(¬٣) «القشيرية» (ص ٤٩٢).
(¬٤) زاد في ع: «واستعظام ذنوبه وخطاياه».
(¬٥) ش: «يدرك».

الصفحة 618