كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

هذا فمن سوء فهمه أُتي.
وأمّا القرب، فلا يقع في القرآن إلَّا خاصًّا. وهو نوعان: قربه من داعيه بالإجابة، وقربه من عابده بالإثابة.
فالأوَّل كقوله: {(١٨٥) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: ١٨٦]. ولهذا نزلت جوابًا للصحابة - رضي الله عنهم -، وقد سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ربُّنا (¬١) قريبٌ فنناجيه؟ أم بعيدٌ فنناديه؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية (¬٢).
والثاني كقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أقرب ما يكون العبد من ربِّه وهو ساجد» (¬٣)، و «أقرب ما يكون الربُّ من عبده في جوف اللَّيل» (¬٤). فهذا قربه من أهل طاعته.
وفي «الصحيح» (¬٥): عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: كنَّا مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في سفرٍ فارتفعت أصواتنا بالتكبير، فقال: «أيُّها الناس، ارْبَعُوا على أنفسكم، إنَّكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا، إنَّ الذي تدعونه سميعٌ قريبٌ، أقرب إلى
---------------
(¬١) ل: «أربُّنا».
(¬٢) انظر: «تفسير الطبري» (٣/ ٢٢٢ - ٢٢٣) وابن أبي حاتم (١/ ٣١٤) والبغوي (١/ ٢٠٤).
(¬٣) أخرجه مسلم (٤٨٢) من حديث أبي هريرة.
(¬٤) أخرجه الترمذي (٣٥٧٩) والنسائي (٥٧٢) وابن خزيمة (١١٤٧) والحاكم (١/ ٣٠٩) وغيرهم من حديث عمرو بن عبسة بإسناد جيِّد. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
(¬٥) للبخاري (٢٩٩٢) ومسلم (٢٧٠٤) واللفظ به أشبه.

الصفحة 623