كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

ولا يزال الله يمدُّهم بنعمه وألطافه ومزيده إحسانًا منه وتوفيقًا، ولهم مزيَّة المعيَّة مع الله، فإنَّ الله مع الصادقين. ولهم منزلة القرب منه، إذ درجتهم منه ثاني درجة النبيِّين.
وأخبر تعالى أنَّ من صدَقَه فهو خيرٌ له، فقال: {فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا} [محمد: ٢١].
وأخبر تعالى عن أهل البرِّ ــ وأثنى عليهم بأحسن أعمالهم من الإيمان والإسلام والصدقة والصَّبر ــ بأنَّهم أهل الصِّدق، فقال: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} إلى قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: ١٧٧]. وهذا صريحٌ في أنَّ الصِّدق بالأعمال الظاهرة والباطنة، وأنَّ الصِّدق هو مقام الإسلام والإيمان.
وقَسَم سبحانه الناسَ إلى صادقٍ ومنافقٍ، فقال: {لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [الأحزاب: ٢٤].
والإيمان أساسه الصِّدق، والنِّفاق أساسه الكذب، فلا يجتمع كذبٌ وإيمانٌ إلَّا وأحدهما محاربٌ الآخرَ.
وأخبر سبحانه أنَّه في يوم القيامة لا ينفع العبد وينجيه من عذابه إلَّا صدقُه، قال الله تعالى: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [المائدة: ١١٩]، وقال: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (٣٤) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ

الصفحة 628