كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

والأمر ظاهرًا وباطنًا، حتَّى إنَّ صِدق المتبايعين يُحِلُّ البركةَ في بيعهما، وكذبهما يمحق بركة بيعهما، كما في «الصحيحين» (¬١) عن حكيم بن حزامٍ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «البيِّعان بالخيار ما لم يتفرَّقا، فإن صدقا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما مُحقت بركة بيعهما».

فصل
في كلماتٍ في حقيقة الصِّدق
قال عبد الواحد بن زيدٍ - رحمه الله -: الصِّدق: الوفاء لله بالعمل (¬٢).
وقيل: موافقة السِّرِّ النُّطق (¬٣).
وقيل: استواء السِّرِّ والعلانية (¬٤). يعني: أنَّ الكاذب علانيته خيرٌ من سريرته، كالمنافق الذي ظاهره خيرٌ من باطنه.
وقيل: الصِّدق: القول بالحقِّ في مواطن الهلكة (¬٥).
وقيل: كلمة الحقِّ عند من تخافه وترجوه.
وقال الجنيد - رحمه الله -: الصادق يتقلَّب في اليوم أربعين مرَّةً، والمُرائي يثبت على حالةٍ واحدةٍ أربعين سنةً (¬٦).
---------------
(¬١) البخاري (٢٠٧٩) ومسلم (١٥٣٢).
(¬٢) «القشيرية» (ص ٤٨٣).
(¬٣) «القشيرية» (ص ٤٨٣).
(¬٤) ذكره القشيري (ص ٤٨٢) بأنه أقل الصدق.
(¬٥) «القشيرية» (ص ٤٨٣)، وبمعناه قول الجنيد وسيأتي.
(¬٦) أسنده القشيري (ص ٤٨٣).

الصفحة 634