كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

الرُّؤية بقيتْ عليك بقيّةٌ أخرى، وهي رؤيتك لهذا التّرك المتضمِّنةُ (¬١) لدعوى ملكك للتّرك، وهي دعوى كاذبةٌ، إذ ليس للعبد شيءٌ من الأمر، ولا بيده فعلٌ (¬٢) ولا تركٌ، وإنّما الأمر كلُّه لله.
وقد تبيَّنَ في الكشف والشُّهود والعلم والمعرفة: أنّ العبد ليس له شيءٌ أصلًا، والعبد لا يملك حقيقةً، إنّما المالك بالحقيقة سيِّده. فالأَثَرة والإيثار والاستئثار كلُّها لله ومنه وإليه، سواءٌ اختار العبد ذلك وعلمَه أو (¬٣) جهِلَه، أو لم يَخْتَرْه، فالأَثَرة واقعةٌ، كرِه العبد أم رضي، فإنّها استئثار المالكِ الحقِّ بمُلْكه تعالى. وقد فهمتَ من هذا المعنى قوله (¬٤): (فإنّ الأثرةَ تَحسُنُ طَوْعًا، وتَصِحُّ كَرْهًا). والله أعلم.
* * * *
---------------
(¬١) ش، د: «المتضمنة له».
(¬٢) ل: «لا فعل».
(¬٣) ش، د: «و».
(¬٤) السابق في (ص ١٢).

الصفحة 23