كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

قال جعفر بن محمّدٍ - رضي الله عنهما -: أمر الله نبيّه - صلى الله عليه وسلم - بمكارم الأخلاق، وليس في القرآن آيةٌ أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية (¬١). وقد ذُكر أنّه لمّا نزلتْ هذه الآية قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لجبريل: «ما هذا؟»، قال: لا أدري حتّى أسأل، ثمّ رجع إليه فقال: إنّ الله يأمرك أن تَصِلَ مَن قَطعَك، وتُعطِي من حَرَمَك، وتَعفُوَ عمّن ظلمك (¬٢).

ولا ريبَ أنّ للمُطَاع مع النّاس ثلاثةَ أحوالٍ:
أحدها: أمرُهم ونهيُهم بما فيه مصلحتهم.
الثّاني: أخذُه منهم ما يبذلونه ممّا عليهم من الطّاعة.
الثّالث: أنّ النّاس معه قسمان: مُوافقٌ له مُوالٍ، ومُعادٍ معارضٌ.
وعليه في كلِّ واحدٍ من هذه الأحوال واجبٌ.
فواجبُه في أمرهم ونهيهم: أن يأمر بالمعروف، وهو المعروف الذي (¬٣) به صلاحُهم وصلاح شأنهم، وينهاهم عن ضدِّه.
وواجبُه فيما يبذلونه له من الطّاعة: أن يأخذ منهم ما سهُلَ عليهم،
---------------
(¬١) انظر: «تفسير البغوي» (٢/ ٢٢٤)، و «تفسير القرطبي» (٧/ ٣٤٥) وغيرهما.
(¬٢) أخرجه عبد الرزاق في «تفسيره» (١/ ٢٤٦)، والطبري (١٠/ ٦٤٣، ٦٤٤) وابن أبي حاتم (٥/ ١٦٣٨) وابن أبي الدنيا في «مكارم الأخلاق» (٢٥) من طريق سفيان عن أميّ الصيرفي مرسلًا. ورواه ابن أبي حاتم عن أميّ عن الشعبي. وانظر: «الدر المنثور» (٦/ ٧٠٨). وروى الإمام أحمد (١٧٤٥٢) من حديث عقبة بن عامر مرفوعًا: «صِلْ من قطعكَ وأعطِ مَن حَرَمك، واعفُ عمن ظلمك». وإسناده حسن.
(¬٣) «الذي» ليست في ش، د.

الصفحة 25