كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

وطَوَّعتْ له به أنفسُهم سَماحةً واختيارًا، ولا يَحمِلهم على العَنَت والمشقّة فيُفسِدهم.
وواجبُه عند جهل الجاهلين عليه: الإعراض عنهم (¬١)، وعدمُ مقابلتِهم والانتقامِ منهم (¬٢) لنفسه،. فقال الله لنبيِّه: {خُذِ الْعَفْوَ} (¬٣). قال عبد الله بن الزُّبير - رضي الله عنهما -: أمر الله نبيَّه أن يأخذَ العَفْو من أخلاق النّاس (¬٤).
وقال مجاهدٌ: يعني خذ العفْوَ من أخلاقِ النّاس وأعمالِهم من غير تجسيس (¬٥). مثل قبول الاعتذار، والعفو والمساهلة، وترك الاستقصاءِ والبحثِ (¬٦) والتّفتيشِ عن حقائق بواطنهم.
وقال ابن عبّاسٍ - رضي الله عنهما -: خُذْ ما عفا لك من أموالهم (¬٧). وهو الفضل عن العيال، وذلك معنى قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ اِلْعَفْوُ كَذَلِكَ} [البقرة: ٢١٩].
ثمّ قال تعالى: {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ}، وهو كلُّ معروفٍ، وأعرَفُه: التّوحيد، ثمّ حقوق العبوديّة وحقوق العبيد.
---------------
(¬١) «عنهم» ليست في ل.
(¬٢) ش، د: «منه».
(¬٣) بعدها في ل: «وأمر بالعرف».
(¬٤) رواه البخاري (٤٦٤٤) وأبو داود (٤٧٨٧) وغيرهما.
(¬٥) رواه الطبري في «تفسيره» (١٠/ ٦٤١) وابن أبي حاتم (٥/ ١٦٣٧) وغيرهما.
(¬٦) ل: «عن البحث».
(¬٧) رواه الطبري (١٠/ ٦٤١) وابن أبي حاتم (٥/ ١٦٤٨). وانظر: «الدر المنثور» (٦/ ٧١٣).

الصفحة 26