كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

وإذا انحرفت عن خلق «الحِلْم» انحرفت: إمّا إلى الطَّيش والنَّزَق (¬١) والحدّة والخفّة، وإمّا إلى الذُّلِّ والمَهانة والحَقارة. ففرقٌ بين من حِلْمه حِلْمُ ذلٍّ ومهانةٍ وحقارةٍ وعجزٍ، وبين مَن حِلمه حلمُ اقتدارٍ وعزّةٍ وشرفٍ، كما قيل (¬٢):
كلُّ حِلْمٍ أتى بغيرِ اقتدارٍ ... حجّةٌ لاجئٌ إليها اللِّئامُ

وإذا انحرفت عن خلق «الأَناة والرِّفق» انحرفت: إمّا إلى عَجَلةٍ وطَيْشٍ وعُنْفٍ (¬٣)، وإمّا إلى تفريطٍ وإضاعةٍ، والرِّفق والأناة بينهما.
وإذا انحرفت عن خلق «العِزّة» التي وهبَها الله للمؤمنين، انحرفت: إمّا إلى كِبْرٍ، وإمّا إلى ذُلٍّ، والعزّة المحمودة بينهما.
وإذا انحرفت عن خلق «الشّجاعة» انحرفت: إمّا إلى تهوُّرٍ وإقدامٍ غيرِ محمودٍ، وإمّا إلى جُبْنٍ وتأخُّرٍ مذمومٍ.
وإذا انحرفت عن خلق «المنافسة في المراتب العالية والغِبطة» انحرفت: إمّا إلى حسدٍ، وإمّا إلى مَهانةٍ وعَجزٍ وذُلٍّ ورضًا بالدُّون.
وإذا انحرفت عن «القناعة» (¬٤) انحرفت: إمّا إلى حِرصٍ وكَلَبٍ (¬٥)، وإمّا إلى خِسّةٍ ومَهانةٍ وإضاعةٍ.
---------------
(¬١) النَّزَق: الطيش والخفّة.
(¬٢) البيت للمتنبي في «ديوانه» (٤/ ٢١٧) بشرح البرقوقي.
(¬٣) «وعنف» ليست في ش، د.
(¬٤) د: «خلق القناعة».
(¬٥) الكَلَب: شدة الحرص.

الصفحة 35