كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

السُّنّة من وجوهٍ كثيرةٍ لمن تأمّلَها.
فصل

المشهد السّادس: مشهد السّلامة وبِرِّ القلب, وهذا مشهدٌ شريفٌ جدًّا لمن عرفه وذاقَ حلاوته. وهو أن لا يَشْغَل قلْبَه وسِرَّه بما ناله من الأذى، وطلبِ الوصول إلى دَركِ ثأره وشفاءِ نفسه، بل يُفرِّغ قلبه من ذلك، ويرى أنّ سلامته وبِرَّه وخُلوَّه منه أنفعُ له (¬١) وألذُّ وأطيبُ، وأعونُ على مصالحه. فإنّ القلب إذا اشتغل بشيءٍ فاتَه ما هو أهمُّ عنده وخيرٌ له منه، فيكون بذلك مغبونًا، والرّشيد لا يرضى بذلك، ويراه من تصرُّفات السّفيه. فأين سلامة القلب من امتلائه بالغَبْن والوساوس، وإعمال الفكر في إدراك الانتقام؟
فصل

المشهد السّابع: مشهد الأمن، فإنّه إذا ترك المقابلة والانتقام (¬٢) أَمِنَ ما هو شرٌّ من ذلك، وإذا انتقم واقَعَه الخوفُ ولا بدَّ، فإنّ ذلك يزرع العداوة، والعاقل لا يأمن عدوَّه ولو كان حقيرًا، فكم من حقيرٍ أردى عدوَّه الكبير. فإذا غفر ولم ينتقم ولم يُقابِل أمِنَ من تولُّد العداوة أو زيادتها (¬٣). ولا بدّ أنّ عفوه وحلمه وصفْحَه يكسِر عنه شوكةَ عدوِّه، ويَكُفُّ من غَرْ بِه (¬٤)، بعكس
---------------
(¬١) «له» ليست في ل.
(¬٢) «فصل ... والانتقام» سقطت من ش، د بسبب انتقال النظر، فأصبح المشهد السابع داخلًا في المشهد السادس في النسختين. والمثبت من ل.
(¬٣) ل: «زياداتها».
(¬٤) أي حدّته. وتحرَّفت هذه الكلمة في المطبوعات إلى «جزعه» و «عزمه». والمثبت من الأصول.

الصفحة 54