كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)
أخبرك عن الله بخبرٍ أنزلتَه منزلةَ ما تسمعه من الله بأذنك.
وبالجملة: فتجعل الرّسولَ شيخك وأستاذك، ومعلِّمك ومربِّيك ومؤدِّبك، وتُسقِط الوسائطَ بينك وبينه إلّا في التّبليغ، كما تُسقِط الوسائط (¬١) بينك وبين المرسل في العبوديّة، ولا تُثبِت وساطةً إلّا في وصول أمره ونهيه ورسالته إليك.
وهذان التّجريدان حقيقة شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدًا رسول الله (¬٢). فالله وحده المعبود المألوه، الذي لا يستحقُّ العبادةَ سواه، ورسولُه المُطاع المتَّبَع المقتدَى به، الذي لا يستحقُّ الطّاعةَ سواه. ومَن سِواه فإنّما يُطاع إذا أمر بطاعته، فيطاع تبعًا لا أصلًا (¬٣).
وبالجملة: فالطّريق مسدود إلّا على من اقتفى آثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واقتدى به في ظاهره وباطنه.
فلا يتعنَّى السّالكُ على غير هذه الطّريق، فليس حظُّه من سلوكه إلّا التّعب، وأعمالُه {أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ يَحْسِبُهُ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ} [النور: ٣٩].
ولا يتعنّى السّالك على هذه الطّريق (¬٤)، فإنّه واصلٌ ولو زحفَ زحفًا. فأتباعُ الرّسول إذا قعدتْ بهم أعمالُهم قامتْ بهم عزائمُهم وهِممُهم
---------------
(¬١) ر: «الوسائل».
(¬٢) ر: «عبده ورسوله».
(¬٣) ر: «تبعا للأصل».
(¬٤) ت: «غير هذه الطريق».