كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)
وولي أبو هريرة - رضي الله عنه - إمارةً مرّةً، فكان يحمل حُزْمةَ الحطب على ظهره، وهو يقول: طرِّقوا للأمير (¬١).
وركب زيد بن ثابتٍ - رضي الله عنه -، فدنا ابن عبّاسٍ - رضي الله عنهما - ليأخذ برِكابه، فقال: مَهْ يا ابنَ عمِّ رسول الله! فقال: هكذا أُمِرنا أن نفعل بكُبرائنا، فقال زيد: أَرِني يدَك، فأخرجها إليه فقبّلَها وقال: هكذا أُمِرنا أن نفعل بأهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬٢).
وقَسَم عمر بن الخطّاب - رضي الله عنه - بين الصّحابة حُلَلًا، فبعث إلى معاذٍ حلّةً مثمنةً، فباعها واشترى بثمنها ستّةَ أعبُد وأعتقَهم، فبلغَ عمر، فبعث إليه بعد ذلك حُلّةً دونها، فعاتبَه معاذٌ، فقال: لأنّك بعتَ الأولى. فقال معاذٌ - رضي الله عنه -: وما عليك؟ ادفعْ لي نصيبي، وقد حلفتُ لأضربنّ بها رأسك. فقال عمر - رضي الله عنه -: رأسي بين يديك، وقد يَرْفُق الشّابُّ بالشّيخ (¬٣).
ومرّ الحسن بن علي بصبيانٍ معهم كِسَرُ خبزٍ، فاستضافوه، فنزلَ فأكل معهم، ثمّ حملهم إلى منزله، وأطعمهم وكساهم، وقال: اليدُ لهم، لأنّهم لم يجدوا شيئًا غير ما أطعموني، ونحن نجد أكثر منه (¬٤).
---------------
(¬١) «الرسالة القشيرية» (ص ٣٨٤). وانظر: «الزهد» لأبي داود (٢٨٤)، و «حلية الأولياء» (١/ ٣٨٥)، و «تاريخ دمشق» (٦٧/ ٣٧٣)، و «سير أعلام النبلاء» (٢/ ٦١٤).
(¬٢) «الرسالة القشيرية» (ص ٣٨٤). ورواه الفسوي في «المعرفة والتاريخ» (١/ ٤٨٤)، والطبراني في «المعجم الكبير» (٤٧٤٦)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (١/ ٥١٤)، والدينوري في «المجالسة» (١٣١٤).
(¬٣) «الرسالة القشيرية» (ص ٣٨٨). ونحوه في «تاريخ دمشق» (٥٨/ ١٦٥).
(¬٤) المصدر نفسه (ص ٣٨٧).