كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

ويُذكر أنّ أبا ذرٍّ عيَّر بلالًا بسواده، ثمّ إنه نَدِم، فألقى نفسَه وحلف: لا رفعتُ رأسي حتّى يطأَ بلالٌ خدِّي بقدمِه. فلم يرفع رأسه حتّى فعل بلالٌ (¬١).
وقال رجاء بن حَيْوة: قَوّمتُ ثيابَ عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - ــ وهو يخطب ــ باثني عشر درهمًا، وكانت قَباءً وعمامةً وقميصًا وسراويل ورداءً وخفّين وقلنسوةً (¬٢).
ورأى محمّد بن واسعٍ ابنًا له يمشي مِشيةً منكرةً، فقال: تدري بكم اشتريتُ أمّك؟ بثلاثمائة درهمٍ، وأبوك ــ لا أكثرَ الله في المسلمين مثلَه ــ أنا (¬٣)، وأنت تمشي هذه المِشية (¬٤)!
وقال حَمْدون القصّار - رحمه الله -: التّواضع أن لا ترى لأحدٍ إلى نفسك حاجةً، لا في الدِّين ولا في الدُّنيا (¬٥).
وقال إبراهيم بن أدهم: ما سُرِرتُ في إسلامي إلّا ثلاثَ مرّاتٍ: كنت في سفينةٍ، وفيها رجلٌ مِضحاكٌ كان يقول: كنّا في بلاد التُّرك نأخذ العِلْجَ هكذا، وكان يأخذ بشعر رأسي ويَهُزُّني، لأنّه لم يكن في تلك السّفينة أحدٌ أحقر منِّي. والأخرى: كنتُ عليلًا في مسجدٍ، فدخل المؤذِّن وقال: اخرجْ. فلم أُطِقْ،
---------------
(¬١) «الرسالة القشيرية» (ص ٣٨٧). وهو في «تاريخ دمشق» (١٠/ ٤٦٤) بسياق آخر.
(¬٢) «الرسالة القشيرية» (ص ٣٨٦). ورواه أبو نعيم في «الحلية» (٥/ ٣٢٣)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٨/ ٢٦٣).
(¬٣) ل: «أبًا».
(¬٤) «الرسالة القشيرية» (ص ٣٨٦). ورواه ابن سعد في «الطبقات» (٧/ ٢٤٢)، وأبو نعيم في «الحلية» (٢/ ٣٥٠)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٥٦/ ١٥٩).
(¬٥) «الرسالة القشيرية» (ص ٣٨٧).

الصفحة 72