كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)

وفُسِّرت بشرى الدُّنيا بالثّناء الحسن، يجري له على ألسنة النّاس.
وكلُّ ذلك صحيحٌ، فالثّناء من البُشرى، والرُّؤيا الصّالحة من البُشرى، وتبشير الملائكة له عند الموت من البُشرى، والجنّة فأعظم (¬١) البُشرى. قال تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [البقرة: ٢٥]. وقال: {وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: ٣٠].
قيل: وسمِّيت بذلك لأنّها تؤثِّر في بشرة الوجه. ولذلك كانت نوعين: بُشرى سارّةٌ تُؤثِّر فيه نَضارةً وبهجةً، وبُشرى محزنةٌ (¬٢) تؤثِر فيه بُسورًا وعبوسًا. ولكن إذا أطلقت كانت للسُّرور. وإذا قُيِّدت كانت بحسب ما تقيّد به.
قوله: (وهو أصفى من الفرح) احتجّ (¬٣) على ذلك بأنّ الأفراح ربّما شابها أحزانٌ (¬٤)، أي ربّما مازجها ضدُّها، بخلاف السُّرور.
فيقال: والمسرّات ربّما شابها أنكادٌ وأحزانٌ فلا فرق.
قوله: (ولذلك نزل القرآن باسمه في أفراح الدُّنيا في مواضع) يريد أنّ الربّ (¬٥) تعالى نسب الفرحَ إلى أحوال الدُّنيا في قوله: {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا
---------------
(¬١) ر، ط: «من أعظم».
(¬٢) ت: «تُحزنه».
(¬٣) ر، ت، ط: «واحتجّ».
(¬٤) ت: «أنكاد وأحزان».
(¬٥) ر، ط: «الله».

الصفحة 10