كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)
وقال: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} (¬١) [المائدة: ١٥].
وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا} [النساء: ١٧٤]، وقال: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ} [الأعراف: ١٥٧]، وقال: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى: ٥٢]. فجعله روحًا لما يحصل به من حياة القلوب والأرواح. ونورًا لما يحصل به من الهدى والرّشاد.
ومثّل هذا النُّورَ في قلب المؤمن: {كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ تَوَقَّدَ (¬٢) مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ} [النور: ٣٥]. ومثَّل حالَ مَن فقَدَ هذا النُّور بمن هو في {ظُلُمَاتٍ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} (¬٣) [النور: ٤٠].
الحزن الثّالث: (حزنٌ بعثَتْه وحشةُ التّفرُّق).
التفرُّق تفرُّق (¬٤) الهمِّ والقلب عن الله عزّ وجلّ. ولهذا التّفرُّق حزنٌ
---------------
(¬١) في ت، ط أكملت بقية الآية.
(¬٢) كذا في ش، د بالتاء على قراءة أبي عمرو ويعقوب وابن كثير أبي جعفر، وقرأ شعبة وحمزة والكسائي والخلف بالتاء أيضًا ولكن على صيغة المضارع المبني للمجهول: «تُوقَد». وفي (ت، ر) «يوقد» كما قرأ بقية القراء. ينظر: «النشر» (٢/ ٣٣٢).
(¬٣) أكمل الآية في ت، ر، ط.
(¬٤) ت، ر، ط: «وهو تفرق .. ».