كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)
فصل
قال صاحب «المنازل» (¬١): (باب الحياة. قال الله تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} [الأنعام: ١٢٢]).
استشهاده بهذه الآية في هذا الباب ظاهرٌ جدًّا، فإنّ المراد (¬٢) بها: من كان ميِّتَ القلب بعدمِ روحِ العلم والهدى والإيمان، فأحياه الرّبُّ تعالى بروحٍ أخرى غير الرُّوح التي أحيا بها بدنه (¬٣)، وهي روحُ معرفته وتوحيده ومحبّته وعبادته وحدَه لا شريك له؛ إذ لا حياة للرُّوح إلّا بذلك، وإلّا فهي في جملة الأموات، ولهذا وصفَ الله تعالى من عَدِمَ ذلك بالموت، فقال: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ}، وقال: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ} [النمل: ٨٠].
وسَمَّى وحيه روحًا، لِما يحصُل به من حياة القلوب والأرواح، فقال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى: ٥٢]. فأخبر أنّه روحٌ (¬٤) تحصل به الحياة، ونورٌ تحصُل به الإضاءة. وقال تعالى: {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ} [النحل: ٢]، وقال تعالى: {(١٤) رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ
---------------
(¬١) (ص ٩٥).
(¬٢) د: «فالمراد».
(¬٣) ش: «بدونه».
(¬٤) ت: «نور»، خطأ.