كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)

رأيتُ الذُّنوبَ تُمِيتُ القلوب ... وقد يُورِثُ الذُّلَّ إدمانُها
وتركُ الذُّنوبِ حياةُ القلوب ... وخيرٌ لنفسكَ عِصيانُها (¬١)

وسمعتُ شيخ الإسلام ابن تيميّة يقول: من واظبَ على «يا حيُّ يا قيُّوم، لا إله إلّا أنت» كلّ يومٍ بين سنّة الفجر وصلاة الفجر (¬٢) أربعين مرّةً أحيى الله قلبه (¬٣).
وكما أنّ الله سبحانه جعل حياة البدن بالطّعام والشّراب، فحياة القلب بدوام الذِّكر، والإنابة إلى الله، وترك الذُّنوب. والغفلةُ الجاثمة (¬٤) على القلب والتّعلُّقُ بالرّذائل والشّهوات المنقطعة عن قُربٍ تُضعِف هذه الحياة، ولا يزال الضّعف يتوالى عليه حتّى يموت، وعلامةُ موته: أنّه لا يعرف معروفًا ولا يُنكِر منكرًا، كما قال عبد الله بن مسعودٍ: أتدرون مَن ميِّتُ الأحياء الذي قيل فيه:
ليس مَن ماتَ فاستراحَ بميْتٍ ... إنّما الميْتُ ميِّتُ الأحياء
قالوا: ومن هو؟ قال: الذي (¬٥) لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا (¬٦).
---------------
(¬١) بعدها في المطبوع ثلاثة أبيات ليست في الأصول إلّا في ر، وهي:
وهل أفسد الدينَ إلّا الملوك ... وأحبار سوءٍ ورهبانُها
وباعوا النفوسَ ولم يَربَحوا ... ولم يغْلُ في البيع أثمانُها
لقد رتَعَ القوم في جِيفةٍ ... يَبينُ لذي اللُّبِّ خسرانُها
(¬٢) ت: «الصبح».
(¬٣) تقدم ذكره في الكتاب (٢/ ٧٨).
(¬٤) ش، د: «الجامة».
(¬٥) د: «من».
(¬٦) رُوي عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -، أخرجه البيهقي في «الشعب» (١٠١٨٨)، ورواه مختصرًا ابن أبي شيبة (٣٨٧٣٢)، والبيهقي في «الشعب» (٧١٨٤). وعزاه شيخ الإسلام في «الاستقامة» (٢/ ٢١٢) إلى ابن مسعود كما هنا. وفي «مختصر الفتاوى المصرية» (ص ٥٨٠) عزاه إلى بعض السلف. والبيت لعديّ بن الرعلاء الشاعر الجاهلي من قصيدة له في «الأصمعيات» (ص ١٧١)، و «خزانة الأدب» (٤/ ١٨٧، ١٨٨).

الصفحة 169