كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)
اندراج حظِّ العبد (¬١) في حقِّ الرّبِّ تعالى، بحيث يصير حظُّه هو نفس حقِّ ربِّه عليه. ولا يخفى على البصير الصّادق علوُّ هذه المنزلة، وفضلها على منزلة الفناء، وبالله التّوفيق.
العلامة الثّالثة: صحّة السُّلوك وهو سلامته من الآفات والعوائق والقواطع، وهو إنّما يصحُّ بثلاثة أشياء:
أحدها: أن يكون على الدّربِ الأعظم (¬٢)، النّبويِّ المحمّديِّ، لا على الجوادِّ الوضعيّة، والرُّسوم الاصطلاحيّة، وإن زخرفوا لها القولَ ودقّقوا لها الإشارة، وحسّنوا لها العبارة، فتلك من بقايا النُّفوس عليهم وهم لا يشعرون.
الثّاني: أن لا يجيب على الطّريق داعي البطالة والوقوف والدّعة.
الثّالث: أن يكون في سلوكه ناظرًا إلى المقصود. وقد تقدّم بيان ذلك.
فبهذه الثّلاثة يصحُّ السُّلوك، والعبارةُ الجامعة لها: أن يكون واحدًا لواحدٍ في طريقٍ واحدٍ، فلا ينقسم طلبه ولا مطلوبه، ولا تتلوّن طريقه (¬٣).
وأمّا الثّلاثة السّلبيّة التي ذكرها، فأوُّلها قوله: (ولم يوقَف لهم على رسمٍ) يريد: أنّهم قد انمحت رسومُهم، فلم يبق منها ما يقف عليه واقف.
وهذا كلامٌ يحتاج إلى شرحٍ؛ فإنّ الرّسم الظّاهر المعاين لا يمحى (¬٤) ما
---------------
(¬١) ر: «العبودية».
(¬٢) بعده في ط: «الدرب».
(¬٣) ر، ط: «يتلون مطلوبه».
(¬٤) ت: «ينمحي».