كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)
فالأول: الذين لا يبالون بلوم اللوّام في ذات الله، والقيام بأمره، والدّعوة إليه، وهم الذين قال الله فيهم: {الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} [المائدة: ٥٤] فأحبُّ النّاس إلى الله مَن لا تأخذُه في الله لومة لائمٍ، وكان عمر بن الخطّاب لا يأخذه في الله لومة لائمٍ (¬١).
والنوع الثاني المذموم: هو الذي يُظهِر ما يُلام عليه شرعًا من محرّمٍ أو مكروهٍ، ليكتم بذلك حالَه، وقد قال النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لا ينبغي للمؤمن أن يذلّ نفسَه» (¬٢).
فلنرجع إلى شرح كلام الشيخ.
---------------
(¬١) من ت، ر، ط. وقد أخرج أحمد في «المسند» (٨٥٩) والحاكم: (٣/ ٧٠) وغيرهما عن عليّ قال: قيل يا رسول الله من نؤمّر بعد؟ قال: إن تؤمروا أبا بكر تجدوه أمينًا ... وإن تؤمروا عمر تجدوه قويًّا أمينًا، لا يخاف في الله لومة لائمة ... ». وصححه الحاكم، وهو ضعيف من وجوه عدة، ينظر «العلل المتناهية»: (١/ ٢٥٣ - ٢٥٤). وله شاهد من حديث حذيفة عند الحاكم (٣/ ٧٠)، وجاء وصفه بذلك من كلام الحسن البصري عند ابن أبي شيبة (٣٢٦٧٣) وعن كعب الأحبار عند الطبراني في «الكبير» (١/ ٨٤). وروي عنه قولُه: «من ولي من أمر المسلمين شيئًا فلا يخَفْ في الله لومة لائم»، رواه معمر في «جامعه» (٢٠٦٩٣) والبيهقي في «الشعب» (٧١٥٥).
(¬٢) أخرجه أحمد (٢٣٤٤٤)، والترمذي (٢٢٤٥)، وابن ماجه (٤٠١٦)، وغيرهم من طريق علي بن زيد بن جدعان عن الحسن البصري عن جندب عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -، قال الترمذي: حسن غريب. وفي إسناده علي بن زيد بن جدعان، ضعيف الحديث، وقد خولف فرواه غير واحد عن الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا. وسئل عنه أبو حاتم الرازي فقال: منكر. كما في «العلل» (٥/ ١٨٧). وله شاهد من حديث ابن عمر أخرجه الطبراني في «الكبير» (١٣٥٠٧)، و «الأوسط» (٥٣٥٣)، والبزار (٣٣٢٣). وقال العراقي في تخريج «الإحياء»: (١/ ١٥٢): إسناده جيد.