كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)

النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ} [يونس: ٥٧].
ولا شيء أحقُّ أن يُفرَح به من فضلٍ (¬١) ورحمةٍ تتضمّن الموعظةَ وشفاءَ الصُّدور من أدوائها والهدى (¬٢) والرّحمة. فأخبر سبحانه أنَّ ما آتى عباده من الموعظة التي هي الأمر والنهي، المقرون بالتّرغيب والتّرهيب؛ وشفاءِ الصُّدور المتضمِّن لعافيتها من داء الجهل، والظُّلمة (¬٣)، والغيِّ، والسّفَه، وهو أشدُّ ألمًا لها من أدواء البدن، ولكنّها لمّا ألِفَت هذه الأدواء لم تحسّ بألمها، وإنّما يقوى إحساسُها بها عند المفارقة للدُّنيا، فهناك يحضرها كلُّ مؤلمٍ محزنٍ؛ وما آتاها من (¬٤) الهدى الذي يتضمّن ثَلَجَ الصَّدر (¬٥) باليقين، وطمأنينة القلب به، وسكون النّفس إليه، وحياة الرُّوح به؛ والرحمة التي تجلب لها كلّ خيرٍ ولذّةٍ، وتدفع عنها كلّ شرٍّ ومؤلمٍ= فذلك خيرٌ مما (¬٦) يجمع النّاسُ من أعراض الدُّنيا وزينتها، أي هذا هو الذي ينبغي أن يُفرَح به، ومن فرح به فقد فرح بأجلِّ مفروحٍ به (¬٧)، لا ما يجمع أهلُ الدُّنيا منها، فإنّه
---------------
(¬١) ش: «فضل الله»
(¬٢) ر: «بالهدى» والمعنى مستقيم بما أثبت.
(¬٣) د: «الظلم».
(¬٤) في ط: «من ربها الهدى» والزيادة ليست في النسخ ولا يحتاجها النص.
(¬٥) ر: «الصدور».
(¬٦) ط: «من كل ما».
(¬٧) «به» ليست في د.

الصفحة 5