كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)
قوله: (وهذا من أرقِّ (¬١) مقامات أهل الولاية) جعله رقيقًا لكون الحسِّ مقهورًا مغلوبًا عند صاحبه، والعلم والمعرفة لا يحكمان عليه، فضلًا عن الحسِّ والعادة.
وحاصل هذا المقام: الاستغراق في الفناء، وهو الغاية عند الشّيخ! والصّحيح أنّ أهل الطّبقة الثّانية أعلى من هؤلاء وأرفع مقامًا، وهم الكُمّل؛ وهم أقوى منهم، كما كان مقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الإسراء أرفع مِن مقام موسى يوم التّجلِّي، ولم يحصل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الفناء ما حصل لموسى، وكان حبُّ امرأة العزيز ليوسف أعظم من حبِّ النِّسوة، ولم يحصل لها من تقطيع الأيدي ونحوه ما حصل لهنّ، وكان حبُّ أبي بكرٍ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعظم مِن حبِّ عمر وغيره له، ولم يحصل له عند موته من الاضطراب والغَشْي والإقعاد ما حصل لغيره.
فأهلُ البقاء والتّمكُّن (¬٢) أقوى حالًا وأرفع مقامًا من أهل الفناء، وبالله التّوفيق.
* * * *
---------------
(¬١) تقدم (ص ٤٧) التعليق على الاختلاف في الكلمة هل هي أرق أو أدق. وبالراء أنسب لشرح المؤلف.
(¬٢) د: «التمكين»، ت: «المتمكّنون».