كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)
إلى ذلك الكرب، كما قيل (¬١):
تشكّى (¬٢) المحبُّون الصّبابةَ ليتني ... تحمّلت ما يلقون من بينهم وحدي
فكانت لقلبي لذّةُ الحبِّ كلُّها ... فلم يلْقَها قبلي محبٌّ ولا بعدي
قوله: (إن تنفّس تنفّس بالأسف). الأسف: الحزن، كقوله تعالى عن يعقوب: {يَاأَسَفَا عَلَى يُوسُفَ} [يوسف: ٨٤]، والأسف: الغضب، كما في قوله تعالى: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف: ٥٥] وهو في هذا الموضع: الحزن على ما توارى عنه من مطلوبه أو مِن صِدْق حاله.
قوله: (أو (¬٣) نطَقَ نطَقَ بالحزن) يعني: أنّ هذا المتنفِّس إن نطق نطق بما يدلُّ على الحزن على ما توارى عنه، فمصدر تنفُّسه ونُطْقه حزنُه على ما حُجِب عنه.
قوله: (وعندي: أنّه يتولّد من وَحْشة الاستتار) يريد: أنّ هذا الأسف وإن أضيف إلى الاستتار والحجاب فتولُّده: إنّما هو من الوحشة التي سببها الاستتار والحَجْب؛ وكأنّ الاستتار عنده سبب السّبب فيتولّد الأسف (¬٤) من تلك الوحشة المتولِّدة من الاستتار، وهذا صحيحٌ؛ فإنّه لمّا كان مطلوبه
---------------
(¬١) البيتان في «ديوان الحماسة»: (٢/ ٣٠)، وهما في «ديوان مجنون ليلى» (ص ٩٢). وذكرهما المؤلف في «الداء والدواء» (ص ٤٢٧)، و «روضة المحبين» (ص ٤٠، ٢٤٨).
(¬٢) ش، د: «ويشكو» تحريف، ر: بدون الواو. والمثبت من ت والمصادر.
(¬٣) ر، ط: «وإن» وتقدم نقل المؤلف عن «المنازل» كذلك.
(¬٤) قوله: «والحجب ... » إلى هنا مكانه في ر، ط بعد قول صاحب «المنازل»: «وحشة الاستتار».