كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)

ليس بموضعٍ للفرح، لأنّه عُرضة الآفات (¬١)، ووشيك الزّوال، ووخيم العاقبة، وهو كطيف (¬٢) خيالٍ زارَ الصّبَّ في المنام، ثمّ انقضى المنامُ، وولّى الطّيفُ، وأعْقَب مرارة (¬٣) الهجران.
وقد جاء الفرح في القرآن على نوعين؛ مطلقٌ ومقيّدٌ.
فالمطلق جاء في الذّمِّ، كقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} [القصص: ٧٦]. وقوله: {إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} [هود: ١٠].
والمقيّد نوعان أيضًا: مقيّدٌ بالدُّنيا، يُنسي صاحبَه فضلَ الله ومننَه (¬٤)، فهو مذمومٌ، كقوله: {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً} (¬٥) [الأنعام: ٤٤].
والثّاني: مقيّدٌ بفضل الله وبرحمته (¬٦). وهو نوعان أيضًا: فضلٌ ورحمةٌ بالسّبب، وفضلٌ بالمسبَّب، فالأوّل كقوله: {(٥٧) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ} (¬٧) [يونس: ٥٨]. والثّاني كقوله: {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [آل عمران: ١٧٠].
---------------
(¬١) ر: «للآفات».
(¬٢) ر: «طيف».
(¬٣) ش، ر: «مزاره» وهي محتملة.
(¬٤) ت، ر: «ومنته».
(¬٥) ر: أكمل بقية الآية {فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ}.
(¬٦) د، ت: «ورحمته».
(¬٧) ر: أكمل بقية الآية {فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا}.

الصفحة 6