كتاب مدارج السالكين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)

والمقصود أنّ الفرح أعلى أنواع نعيم القلب ولذّته وبهجته. فالفرح والسُّرور نعيمُه، والهمُّ والحزن عذابُه. والفرحُ بالشّيء فوق الرِّضا به (¬١). فإنّ الرِّضا طمأنينةٌ وسكونٌ واستراحة (¬٢). والفرح لذّةٌ وبهجةٌ وسرورٌ، فكلُّ فَرِحٍ راضٍ، وليس كلُّ راضٍ فرِحًا. ولهذا كان الفرح ضدّ الحزن، والرِّضا ضدّ السُّخط. والحزن يؤلم صاحبه، والسُّخط لا يؤلمه، إلّا إذا (¬٣) كان مع العجز عن الانتقام (¬٤).
فصل
قال صاحب «المنازل» (¬٥): (السُّرور اسمٌ لاستبشارٍ جامعٍ، وهو أصفى (¬٦) من الفرح، لأنّ الأفراح ربّما شابها الأحزان، ولذلك نزل القرآن باسمه في أفراح الدُّنيا في مواضع. وورد اسم (¬٧) السُّرور في موضعين من القرآن في حال الآخرة).
السُّرور والمسرّة: مصدر سرّه سرورًا ومسرّةً. وكأنّ معنى سرّه: أثّر في أسارير وجهه. فإنّه تبرُق منه أسارير الوجه. كما قال شاعر العرب (¬٨):
---------------
(¬١) «به» ليست في د.
(¬٢) كذا في ش، د، ت، وفي ر: «طمأنينته وسكونه وانشراحه»، وفي ط: «وانشراح».
(¬٣) ر، ط: «إن».
(¬٤) ط، ر زيادة: «والله أعلم».
(¬٥) (ص ٨٤).
(¬٦) ت: «أخص»!
(¬٧) ليست في ر.
(¬٨) البيت لأبي كبير الهذلي، ينظر شرح «أشعار الهذليين» (ص ١٠٧٤).

الصفحة 8