كتاب المحصول في شرح صفوة الأصول

فهذا أمر للاستحباب؛ لأنَّ له صارفًا، وهو ما أخرجه الشيخان (¬١) عن ابن عباس - رضي الله عنه - في قصة إرسال الرسول - صلى الله عليه وسلم - معاذًا - رضي الله عنه - لليمن وفيه: «أنَّ الله افترض عليهم خمس صلوات في كلِّ يومٍ وليلة»، فكلُّ صلاة متعلقة باليوم والليلة غير الخمس المفروضات فهي للاستحباب ومنها صلاة الوتر.
قَوْلُهُ: «أو الإباحة إذا كان بعد الحظر غالبًا».
أي: أنَّ الأمر بعد الحظر يرجع إلى حكم الأمر قبل الحظر، عزا شيخ الإسلام ابن تيمية هذا إلى السلف والأئمة (¬٢)، ورجَّحه ابن كثير (¬٣)، وابن رجب (¬٤)، والشنقيطي (¬٥).
فقوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} هذا أمر بعد حظر؛ وذلك أنَّ الاصطياد مباح، فلما أَحْرَم المسلم صار محرَّمًا، فلما تحلَّل أُمِر به، فرجع إلى حكمه إلى ما قبل الحظر، أي: قبل الإحرام وهو الإباحة، ولَعلَّ قول المصنف هنا: «غالبًا»: يريد أنَّه يرجع إلى حكمه قبل الحظر غالبًا، كما أشار لذلك في تعليقاته على هذه الرسالة.
---------------
(¬١) أخرجه البخاري (١٤٩٦)، ومسلم (١٩).
(¬٢) الرد على الإخنائي (ص ٩٢).
(¬٣) تفسير ابن كثير (١/ ٥٨٧).
(¬٤) فتح الباري (٢/ ٦٢).
(¬٥) أضواء البيان (١/ ٣٢٧ - ٣٢٨).

الصفحة 20