القسم الرابع: العام الواردُ على سبب، كالآيات والأحاديث التي جاءت بلفظ العام، وقد وردت على أسبابٍ، كقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي}] النور: ٢ [، وقوله سبحانه: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ}] المجادلة: ٢ [.
الأمر الثاني: قال كثير من الأصوليين المتأخرين: ما من عام إلا وقد خصص، إلا قوله تعالى: «إن الله على كل شيء قدير»، وقوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}] الأنفال: ٧٥ [ ... ونحوَ ذلك، وخالفهم الشاطبي وقال: «لا يوجد عام خُصِّص، بل العمومات إما محفوظة، أو يُراد بها الخصوص» (¬١).
وذهب ابن تيمية (¬٢)، وابن القيم (¬٣)، وقبلهما ابن حزم (¬٤) أنَّ أكثر العمومات لم تُخصَّص، ووضَّح ذلك شيخ الإسلام بما في سورة الناس. قال: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}] الناس: ١ [: لفظ (الناس) عام لم يُخصَّص، إلى آخر السورة.
وهذا هو الصواب، والردُّ على الشاطبي بحديث: «إلا الإذخر»، فهو بيِّنٌ في أن هذا العام خُصِّص بعد ثبوت عمومه.
ومبحث العام مبحث مهمٌّ، وفيه مسائل دقيقة تُذكر - إن شاء الله - في شرح (الأصول من علم الأصول).
---------------
(¬١) الموافقات (٤/ ٤٧ - ٤٨).
(¬٢) مجموع الفتاوى (٦/ ٤٤٢).
(¬٣) الصواعق المرسلة (٢/ ٦٨٧ - ٦٨٨).
(¬٤) الفصل (٣/ ٣٥).